يندرج  العمل على  جلب البشرية لانتهاج طريق التنمية المستدامة ضمن الأهداف الكبرى للألفية و لقد قامت العديد من الدول و القطاعات و المؤسسات  بتعبئة جهودها  و اتخاذ اجراءات قصد التوصل الى تحقيق هذا الهدف.

على الرغم من أنه ليس من اليسير إعطاء تعريف محدد متفق عليه بالإجماع لمفهوم "التنمية المستدامة" إلا أننا سنعتمد التعريف الذي يعتبر أن "التنمية المستدامة هي  التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر من دون النيل من قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها".

الهدف من التنمية المستدامة هو تحديد الأنماط التي تُوفّق بين الأبعاد الثلاث للأنشطة البشرية او التي تتمثل في البعد الاقتصادي و البعد الاجتماعي و البعد البيئي.

البعد الاقتصادي: و يقصد به الأداء المالي "الكلاسيكي" و القدرة أيضًا على المساهمة في تطوير اقتصاد المنطقة التي تقع فيها المؤسسة و ذلك على جميع المستويات ؛

البعد الاجتماعي: و يقصد به العواقب الاجتماعية لنشاط المؤسسة على جميع مستوياتها: الموظفين (ظروف العمل، ومستوى الأجور،...) و الممولين والزبائن والجماعات المحلية والمجتمع بشكل عام؛

 البعد  البيئيّ: و هو توافق  نشاط المؤسسة مع صيانة النُّظم البيئية. و هو يتضمّن تحليلًا لتأثيرات المؤسسة و منتجاتها من حيث استهلاك الموارد وإنتاج النفايات والانبعاثات الملوثة، ...إلخ. 

 

 

 

 

التنمية المستدامة في الجزائر

لقد استحوذ مفهوم التنمية المستدامة على اهتمام عدد كبير من الفاعلين في مجالي الصحافة و التواصل الاقليمي في الجزائر و مع ذلك فان عملية التوصل الى تحقيق التنمية المستدامة ما زال دون التوقعات.

ففي بلاد نامية مثل الجزائر لا تزال ثقافة التنمية المستدامة ضئيلة الانتشار في المجتمع لذلك يتوجب على السّلطات العمومية أن تلعب دورا حساّسا في تقديم المزيد من المعلومات القيّمة والتوعية بخصوص القضايا البيئية.

انّ تحفيز الشركات والهيئات العمومية وتشجيعها بشكل كاف على تبنّي سلوكات

 مسؤولة سيساهم في ترقية أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة و بالتالي تحسين الأداء البيئي والاجتماعي للمنتجات وطرق التصنيع. و من ثم ستكون المؤسسات قادرة على تبني المعايير البيئية من حيث تسيير  الطبيعة كرأس مال و كذا الموارد البشرية من أجل تحسين أدائهما و ستلعب بالتالي  دورًا استباقيًا مفيدا للتنمية المستدامة. إضافة الى ذلك، فعندما يصبح المواطنون واعون بأهمّية القضايا المتعلقة بالحفاظ على الموارد الطبيعية ومكافحة الاحتباس الحراري و تحسين نوعية حياتهم فإنهم سوف يغيرون حتما علاقتهم بالبيئة.

 و في النهاية لن تكون التنمية المستدامة مسألة سياسات فحسب بل ستتعدى ذلك و ستأخذ بعين الاعتبار مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع لخلق نظام اجتماعي جديد.

و بالتالي، ومن أجل ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة في جميع القطاعات الاقتصادية فلقد اعتمدت السلطات العمومية استراتيجية لتنمية اقتصاد مستدام يقوم على محاور مختلفة. هذه هي السياسات التي سيتم تنفيذها بشكل تدريجي بفضل أدوات التخطيط والعمل التي تتعلق خاصة بـ  :

  • ـتسيير الأصول الطبيعية ومكافحة التلوث
  • الخيارات الاقتصادية والاجتماعية
  • اشراك مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع في  عملية التنمية المستدامة.

 

 العلاقة بين التنمية المستدامة والصناعة في الجزائر

يمثل تطوير الصناعة رافدا قويا من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية  لأي بلد كان بالرغم من انه من أكثر العناصر تأثيرا على الطبيعة والنظام البيئي.

 تساهم المناطق الصناعية ومناطق النشاطات المنجزة عبر التراب الوطني مساهمة فعّالة في التنمية الاقتصادية من خلال خلق الثروة وفرص العمل لكن التموقع الجغرافي لمعظم هذه المناطق ظهر بشكل تلقائي و أدى الى بروز العديد من الفضاءات الصناعية مما انعكس بصفة ايجابية على

الاستثمارات الضخمة التي تم تحقيقها في إطار مختلف المخططات التنموية ، ضف الى ذلك شروط توفير المرافق الخارجية (المياه والطاقة والبنية التحتية) وكذلك المزايا المرغوب فيها لإقامة وحدات في مواقع سهلة التهيئة.

 

ان الأسباب المذكورة أعلاه جعلت من جل الفضاءات  الصناعية فضاءات  مرتبطة بالأضرار التي طالت البيئة بما أنها  تسببت في الحاق الأذى و الضرر بالحيوانات والنباتات والمساكن والمناظر الطبيعية  و في ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم التصحّر و ... الخ

 

ان الدولة الجزائرية واعية كل الوعي حاليا بالمشاكل البيئية التي تّسببها الصناعة و اعتمدت سلسلة من المناهج للتوفيق بين الصناعة والبيئة من خلال توفير الموارد المادية والمالية والبشرية بهدف توعية المؤسسات بضرورة دمج الاهتمامات البيئية ضمن الأهداف الأساسية المسطرة لديها.

 

ما نموذج المنطقة الصناعية المستدامة  الملائم للجزائر؟

ان اعتماد نموذج قائم على الاستدامة في تهيئة المناطق الصناعية يبقى مرهونا بالتحديد الوجيه للمؤشرات ذات الصلة التي تأخذ بعين الاعتبار  الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية  في عملية تطوير هذه المساحات.

يتمثل الرهان بالنسبة للجزائر في التوصل الى ادراج أبعاد ثلاثية البيئة و الاقتصاد و المجتمع حتى  قبل الشروع في انجاز مناطق صناعية ,  عملية الاختيار  الأمثل للمواقع التي ستحتضن هذه المناطق و كذا التخطيط لها و تشغيلها و  ادارتها.

ضف الى كل ذلك اشكالية كيفية التعامل مع الصعوبات التي ستعترض الشركات التي ستنشط في تلك المناطق و  تحديد الحلول المستدامة التي سيتم اقتراحها,

و لعل الجواب الحاسم يكمن في  اقتراح حلول متكاملة  لا سيما عن طريق تشييد بنايات تتميز بالقدرة على الصمود و ترقية  التصنيع الشامل والمستدام  و تشجيع الابتكار كما يكمن الجواب كذلك في ادماج عوامل النجاح الأساسية عند انجاز منطقة صناعية مستدامة  لا سيما :

 

  • تشجيع الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري (من خلال دمج الطاقات المتجددة في المناطق الصناعية كالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح) ؛
  • تثمين النفايات عبر الرسكلة و المعاجة و التحويل؛
  • تطوير نظام لإدارة المياه الصناعية المستعملة  ومياه الأمطار ؛
  • تهيئة المساحات الخضراء ؛
  • استخدام مفهوم النقل المستدام؛
  • تحسين الحوكمة؛
  • انجاز دراسة مقارنة بخصوص تجارب مختلف الدول في مجال تهيئة المناطق الصناعية المستدامة على غرار  ألمانيا و  الصين و  كوريا و  المغرب,

 

إن الفوائد المترتبة عن انجاز مثل هذا النموذج في الجزائر لن تكون اقتصادية وتجارية فحسب بل ستصبح استراتيجية أيضًا بحيث أنها ستؤدي إلى:

  • التّقليص من التّعرض الى المخاطر؛
  • الزيادة في القدرة التنافسية ؛
  • استمرارية الإنتاج؛
  • التحكم في سلاسل الأنشطة المضيفة للقيمة ؛
  • حماية البيئة,

و ستجلب الفوائد الاقتصادية حتما بدورها منافع اجتماعية عديدة مثل خلق مناصب شغل محلية و  توفير الأمن الوظيفي وظروف عمل أفضل.

وبالتالي، فان مفهوم استدامة المناطق يشمل جوانب مختلفة تبّعا لمنطق التكامل المنسجم للمنطقة الصناعية في بيئتها.

ان التحكم في كافة مظاهر المنطقة الصناعية المستدامة ليس بالأمر الهين غير أنه تحدي سيرفعه بكل جدارة كل المدافعين على مفهوم الاستدامة الصناعية,

 

 

وكالتنا في خدمة العقار الصناعي

  • Default
  • Title
  • Date
  • Random